13 مايو، 2014، الساعة 10:44 مساءً
إن
الولايات المتحدة الأمريكية و بفضل " الإسلام السياسي المتطرف " استطاعت
أن تبسط نفوذها على الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ووسط وجنوب آسيا , فبعد أن
قضت الولايات المتحدة الأمريكية الستة عقود من الزمن في زراعة وتربية "
الإسلاميين المتشددين" و استغلتهم في الحرب الباردة انقلبت هذه القوى
تدريجيا عليها ومارست الانتقام منها , والملاحظ أن " المجموعات الإسلامية
المتشددة " لم تنقلب ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بل ضد حرية الفكر
و العلوم الدنيوية و ضد القومية و اليسار و حقوق المرأة .
في
فترة الحرب الباردة التي امتدت من العام 1945 م إلى العام 1991 م حاولت
الولايات المتحدة توحيد القوى مع جماعات التطرف الإسلامية الوليدة و
تقويتها لمحاربة ( العدو المشترك ) وهو الاتحاد السوفيتي وبذلك حققت سياسيا
نجاحا في اختلاق قضية مشتركة مع اليمين الإسلامي خلال الصراع الذي استمر
عقودا ضد القومية العربية و ضد القومية الفارسية و التركية و الهندية .
حينها
حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إقامة حاجز من " الإسلام الأصولي " من
ناحية الحدود الجنوبية للاتحاد السوفيتي و بما أن الدول على طول الخط من
الصين إلى اليونان كانت إسلامية فقد أدى ذلك إلى ظهور فكرة أخرى و هي أن "
الإسلام الأصولي " ذاته قد يسود على استراتيجية خط ماجينو ( الخط الفاصل
بين الاتحاد السوفييتي و الدول الواقعة جنوبه ) و تشكلت تدريجيا فكرة إنشاء
حزام أخضر على طول " القوس الإسلامي " و لم يكن ذلك لمرد الدفاع بل تخيل
السياسيون المغامرون أصحاب الطموح أن زراعة الإسلام داخل جمهوريات وسط آسيا
و أنها قد تؤدي إلى هدم الاتحاد السوفيتي و اتخذ السياسيون الخطوات
اللازمة لتشجيع تلك السياسة .
لقد
أسست الولايات المتحدة لـ " التطرف الإسلامي " ليكون شريكا مريحا لها خلال
فترات مشروع ( الإمبراطورية الأمريكية في الشرق الأوسط ) منذ دخولها
المبكر في المنطقة حتى سيطرتها العسكرية التدريجية , إنتهاءا بتوسعها
بالوجود العسكري على أرض المنطقة و أخيرا تحول الولايات المتحدة إلى ذراع
احتلال عسكري في العراق و أفغاستان .
في
الخمسينيات لم يكن العدو الوحيد للولايات المتحدة هو موسكو , بل القوميون
الجدد من أمثال جمال عبد الناصر في مصر , حيث استغلت الولايات المتحدة و
بريطانيا " حركة الإخوان المسلمين " ضد جمال عبد الناصر الذي سيتحول إلى
زعيم القومية العربية .
في
الستينات و برغم جهود الولايات المتحدة لاحتواء القومية اليسارية و
الاشتراكية العربية , انتشرت تلك الاتجاهات من مصر وإلى الجزائر إلى سوريا
إلى العراق و فلسطين , وكونت الولايات المتحدة تحالفا مع " السعودية "
لمواجهة هذا التهديد الناشئ و كانت تنوي من وراء ذلك استغلال سياستها
الخارجية لإحياء الوهابية الأصولية .
في
تلك الفترة تعاونت الولايات المتحدة مع الملك سعود و الأمير فيصل ( الذي
أصبح الملك فيما بعد ) في تاسيس الكتلة الإسلامية من شمال إفريقيا إلى
باكستان إلى أفغانستان , و أسست السعودية " مؤسسات لتعبئة اليمين الديني الوهابي و الإخوان المسلمون "
و أسس النشطاء الأصوليون وبتمويل من السعودية :
- المركز الإسلامي في الجنيف 1962 م
- رابطة العالم الإسلامي 1962 م
- منظمة المؤتمر الإسلامي 1969 م
ومنظمات أخرى شكلت جوهر الحركة الإسلامية الأصولية العالمية .
في
السبعينات وبعد وفاة عبد الناصر وتراجع القومية العربية أصبح الإسلاميون
قوة مهمة في العديد من الأنظمة ذات العلاقة بالولايات المتحدة , وقد أقامت
الولايات المتحدة نفسها تحالفا مع اليمين الإسلامي في مصر و استغل " الرئيس
أنور السادات " هذا التيار الأصولي لإنشاء قاعدة سياسية مضادة للناصرية في
مصر , وفي باكستان التي استولى فيها الجنرال ضياء الحق على السلطة بالقوة و
أقام دولة إسلامية فيها , وفي السودان حارب حسن الترابي زعيم الاخوان
المسلمون للوصول إلى السلطة .
في
التسعينات تعاطفت الولايات المتحدة مع ( قوى اليمين الإسلامي الناشئة )
فقط بسبب حملة الجيش الجزائري ضدها , ومن ثم حافظت على إبقاء ( قنوات
الحوار ) مفتوحة مع تلك القوى التي تحولت بسرعة إلى الإرهاب , وفي مصر شكل "
الإخوان المسلمون " و الجماعات المنبثقة عن جماعات العنف التي اتخذت من
السرية أسلوبا لعملها , تهدديدا خطيرا على نظام الرئيس مبارك , لكن
الولايات المتحدة تلاعبت بورقة تاييد الحركة .
وفي
أفغانستان التي انهارت بفعل " جماعة الجهاد " التي دعمتها الولايات
المتحدة لمدة ( عشر سنوات ) فازت " طالبان " بتأييد الولايات المتحدة ,
وحتى عندما ظهرت " القاعدة " و ( أسامة بن لادن ) وجدت الولايات المتحدة
نفسها في نفس الخندق مع " اليمين الإسلامي " في باكستان و السعودية و
الخليج العربي ثم وقعت هجوم / 11 من سبتمبر 2001 م / .
* المرجع : كتاب لعبة الشيطان لروبرت دريفوس ( بتصرف) .
No comments:
Post a Comment