Friday, June 13, 2014

دور الولايات المتحدة الأمريكية في نشأة التطرف الإسلامي

‏13 مايو، 2014‏، الساعة ‏10:44 مساءً‏


إن الولايات المتحدة الأمريكية و بفضل " الإسلام السياسي المتطرف " استطاعت أن تبسط نفوذها على الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ووسط وجنوب آسيا , فبعد أن قضت الولايات المتحدة الأمريكية الستة عقود من الزمن في زراعة وتربية " الإسلاميين المتشددين" و استغلتهم في الحرب الباردة انقلبت هذه القوى تدريجيا عليها ومارست الانتقام منها , والملاحظ أن " المجموعات الإسلامية المتشددة " لم تنقلب ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بل ضد حرية الفكر و العلوم الدنيوية و ضد القومية و اليسار و حقوق المرأة .


في فترة الحرب الباردة التي امتدت من العام 1945 م إلى العام 1991 م حاولت الولايات المتحدة توحيد القوى مع جماعات التطرف الإسلامية الوليدة و تقويتها لمحاربة ( العدو المشترك ) وهو الاتحاد السوفيتي وبذلك حققت سياسيا نجاحا في اختلاق قضية مشتركة مع اليمين الإسلامي خلال الصراع الذي استمر عقودا ضد القومية العربية و ضد القومية الفارسية و التركية و الهندية .


حينها حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إقامة حاجز من " الإسلام الأصولي " من ناحية الحدود الجنوبية للاتحاد السوفيتي و بما أن الدول على طول الخط من الصين إلى اليونان كانت إسلامية فقد أدى ذلك إلى ظهور فكرة أخرى و هي أن " الإسلام الأصولي " ذاته قد يسود على استراتيجية خط ماجينو ( الخط الفاصل بين الاتحاد السوفييتي و الدول الواقعة جنوبه ) و تشكلت تدريجيا فكرة إنشاء حزام أخضر على طول " القوس الإسلامي " و لم يكن ذلك لمرد الدفاع بل تخيل السياسيون المغامرون أصحاب الطموح أن زراعة الإسلام داخل جمهوريات وسط آسيا و أنها قد تؤدي إلى هدم الاتحاد السوفيتي و اتخذ السياسيون الخطوات اللازمة لتشجيع تلك السياسة .


لقد أسست الولايات المتحدة لـ " التطرف الإسلامي " ليكون شريكا مريحا لها خلال فترات مشروع ( الإمبراطورية الأمريكية في الشرق الأوسط ) منذ دخولها المبكر في المنطقة حتى سيطرتها العسكرية التدريجية , إنتهاءا بتوسعها بالوجود العسكري على أرض المنطقة و أخيرا تحول الولايات المتحدة إلى ذراع احتلال عسكري في العراق و أفغاستان .


في الخمسينيات لم يكن العدو الوحيد للولايات المتحدة هو موسكو , بل القوميون الجدد من أمثال جمال عبد الناصر في مصر , حيث استغلت الولايات المتحدة و بريطانيا " حركة الإخوان المسلمين " ضد جمال عبد الناصر الذي سيتحول إلى زعيم القومية العربية .


في الستينات و برغم جهود الولايات المتحدة لاحتواء القومية اليسارية و الاشتراكية العربية , انتشرت تلك الاتجاهات من مصر وإلى الجزائر إلى سوريا إلى العراق و فلسطين , وكونت الولايات المتحدة تحالفا مع " السعودية " لمواجهة هذا التهديد الناشئ و كانت تنوي من وراء ذلك استغلال سياستها الخارجية لإحياء الوهابية الأصولية .

في تلك الفترة تعاونت الولايات المتحدة مع الملك سعود و الأمير فيصل ( الذي أصبح الملك فيما بعد ) في تاسيس الكتلة الإسلامية من شمال إفريقيا إلى باكستان إلى أفغانستان , و أسست السعودية  " مؤسسات لتعبئة اليمين الديني الوهابي و الإخوان المسلمون  "


و أسس النشطاء الأصوليون وبتمويل من السعودية :


- المركز الإسلامي في الجنيف 1962 م
-  رابطة العالم  الإسلامي  1962 م
- منظمة المؤتمر الإسلامي 1969 م
ومنظمات أخرى شكلت جوهر الحركة الإسلامية الأصولية العالمية .


في السبعينات وبعد وفاة عبد الناصر وتراجع القومية العربية أصبح الإسلاميون قوة مهمة في العديد من الأنظمة ذات العلاقة بالولايات المتحدة , وقد أقامت الولايات المتحدة نفسها تحالفا مع اليمين الإسلامي في مصر و استغل " الرئيس أنور السادات " هذا التيار الأصولي لإنشاء قاعدة سياسية مضادة للناصرية في مصر , وفي باكستان التي استولى فيها الجنرال ضياء الحق على السلطة بالقوة و أقام دولة إسلامية فيها , وفي السودان حارب حسن الترابي زعيم الاخوان المسلمون للوصول إلى السلطة .


في التسعينات تعاطفت الولايات المتحدة مع ( قوى اليمين الإسلامي الناشئة ) فقط بسبب حملة الجيش الجزائري ضدها , ومن ثم حافظت على إبقاء ( قنوات الحوار ) مفتوحة مع تلك القوى التي تحولت بسرعة إلى الإرهاب , وفي مصر شكل " الإخوان المسلمون " و الجماعات المنبثقة عن جماعات العنف التي اتخذت من السرية أسلوبا لعملها , تهدديدا خطيرا على نظام الرئيس مبارك , لكن الولايات المتحدة تلاعبت بورقة تاييد الحركة .


وفي أفغانستان التي انهارت بفعل " جماعة الجهاد " التي دعمتها الولايات المتحدة لمدة ( عشر سنوات ) فازت " طالبان " بتأييد الولايات المتحدة , وحتى عندما ظهرت " القاعدة " و ( أسامة بن لادن ) وجدت الولايات المتحدة نفسها في نفس الخندق مع " اليمين الإسلامي " في باكستان و السعودية و الخليج العربي ثم وقعت هجوم / 11 من سبتمبر 2001 م / .

* المرجع : كتاب لعبة الشيطان لروبرت دريفوس ( بتصرف) .

No comments:

Post a Comment